السماوی أحد الشعراء العرب المعاصرین الذین استأثرت تجربتهم الشعریة بقدر کبیر من الاهتمام والاحتفاء فی استخدام الرمز بوعی واستهداف. فالرمز لدیه عبارة عن فواصل من التجلیات والتداعیات یملأ بها الشاعر ما یفیض لدیه من الصور والمعانی المتدفقة والمفاهیم المزدحمة ضمن السیاق الذی یسیر فیه مجری القصیدة. اجتمعت لدی السماوی حصیلة کبیرة من الرموز فی مسیرته الشعریة الطویلة، وکانت أبرز هذه الرموز هی موجودات الطبیعة کالنخلة، والنهر، والبحر، والمطر، واللیل، والریح، والصحراء، والشمس، والقمر. إن هذه الرموز تستمد حیویتها وقیمتها من خلال تعامل الإنسان معها. ویستوحیها الشاعر من واقع الإنسان وعلاقته بهذه الرموز التی تحمل مدلول استمرار الحیاة والأمل والوطنیة التلقائیة. فهو یسخّر الأبعاد الإیحائیة لهذه الکلمات والرموز من أجل خدمة قضیته الوطنیة. فی هذه الدراسة التی اعتمدت فی خطتها علی المنهج الوصفی- التحلیلی سوف نبین أهم الرموز الطبیعیة التی اهتمّ بها السماوی للتعبیر عن أفکاره ورؤاه وسنحاول الکشف عن دلالات وإیحاءات هذه الرموز بغیة التوصّل إلی مغالیق النص. فالرمز فی شعره بدیل واضح عن أسلوب التعبیر الواقعی ومحاولته لتخطی الواقع الذی لا یتیح حریة التعبیر المباشرة. تشیر النتائج إلی أنّ فی تجربة السماوی الشعریة رموزا کثیرةً ذات معطیات دلالیة حسیة فی ذاتها، قد اتخذها وسیلةً إیحائیة للإشارة إلی حالات معنویة، وانفعالات نفسیة، علی نحو توحّدت فیه هذه الرموز مع المرموز إلیه بها. کما یستوحی الشاعر من واقع الطبیعة رموزاً تحمل مدلول استمرار الحیاة والأمل والوطنیة التلقائیة. هذه الرموز الطبیعیة تحمل فی ثنایاها دلالات نفسیة وانفعالیة مختلفة تفرضها طبیعة السیاق الشعری. فالنخلة مثلاً تکون رمزًا للعطاء، ورمزًا للوفاء، ورمزًا للتسامی، والنهر یوحی بمعانی الحیاة، والارتواء الحسی والروحی، وأسباب الخصب والتجدّد. کما استطاع الشاعر أن یجعل من البحر فی النص، ذا دلالة وظیفیة تشیر إلی الخوف والرهبة. وأحیاناً یتّخذه الشاعر رمزاً للمنقذ والمخلّص القوی من آلام الواقع.