تسعى هذه المقالة الماثلة بین یدی القارئ الکریم إلى دراسة الآراء الفقهیَّة فی مجال الفکر السیاسی المعاصر عند الشیعة الإمامیَّة، والتی تمَّ استخدامها کمبدأ فی تکوین الدولة الشیعیَّة الأُولى فی العالم. إنَّ السؤال الأساسی الذی یطرح نفسه هنا هو: ما هی التطوُّرات التی مرَّ بها الفکر السیاسی الإمامی المعاصر منذ الحرکة الدستوریَّة ووصولاً إلى الثورة الإسلامیَّة الإیرانیَّة؟ وتُظهر نتائج هذه الدراسة أنَّ العدید من التحوُّلات ساهم فی کلِّ ما حصل من التطوُّر النظری فی الفکر السیاسی الإمامی، إلاَّ أنَّ السهم الأوفر لذلک کان لحدَثَین عظیمَین هما (الحرکة الدستوریَّة) و (الثورة الإسلامیَّة)، إذ أسفرتا عن مباحثات علمیَّة بشأن کلٍّ منهما، وتکوُّن مفاهیم حدیثة ونشوء نظریَّات جدیدة فی الفکر السیاسی الإمامی. وقد کانت السمة البارزة لهذه النظریَّات تتمثَّل فی السعی إلى التوفیق بین الدیمقراطیَّة وحکومة الشَّعب واحترام إرادته فی تقریر مصیره السیاسی وبین قبول الحُکم الدینی وزعامة الفقیه العادل الجامع للشرائط، الأمر الذی سُمِّی ب (السیادة الشَّعبیَّة الدینیَّة).