إن الاغتراب من أهم القضایا التی تبحث عن مشاکل المجتمع المعاصر، ویعبر عما تجیش به النفس من مشاعر الحزن والألم، فلم یکن الشعر العربی المعاصر بعیداً عن هذه الظاهرة، فالشعراء کثیراً ما أدلوا بدلوهم وتکلّموا عما یعانونه من مشاکل یرونها فی مجتمعهم، فمنهم من عاشوا حیاة صعبة ومنهم من هاجروا بلدانهم للتخلص من أعباء الوطن مفضِّلین النأی عن الأهل والمواطنین، قصدا إلی العمل خارج حدود الوطن، وبالحرکیة والنشاط من أجل استعادة ما یستهویهم من حیاة معیشیة مرضیة فی بلدهم، فإنهم عبّروا عن مشاعر الحزن والألم بسبب ما یرونه من واقع مریر یعانیه شعبهم وذلک باستخدام الرموز التاریخیة والدینیة والشعبیة، هادفا إلی إثارة الحیاة والاستبشار والأمل فی مستقبل أفضل، أو استشراف المستقبل عند أبناء الشعب. یهدف هذا البحث إلی دراسة ظاهرة الاغتراب عند الشاعر الفلسطینی المعاصر، محمد عزالدین المناصرة وفقاً للمنهج الوصفی التحلیلی، ویلاحَظ الاغتراب بأنواعه المختلفة من المکانی والذاتی والاجتماعی فی کثیر من مجموعاته الشعریة، حیث تسبّب فی أن یکون شاعراً ذا خصوصیة وتفرّد فی شعره، بحیث یمکننا تسمیته بالشاعر المغترب الکبیر الذی تلوّن کثیر من قصائده بلون الغربة والاغتراب والحنین، ویتجذر الشعور بالإغتراب عنده فی عدم الرضی أو القناعة بالحالة التی یعیشها، فهو حالة من التناقض فی وعیه وإدراکه، فإنه الشاعر البارز الذی أعطی للاغتراب اهتماماً مرکزاً، وکما رأینا من أهم مظاهر الاغتراب عنده هو العزلة والشکوی والطموحیة واستشراف المستقبل.