اتخاذ القرار هوجوهر الإدارة وعامل نجاح الفرد والمؤسسة والمجتمع. بالإضافة إلی ذلک، علی عکس الکثیر من المواضیع الإداریة والحکومیة التی تُعنی بالتدابیر فقط، فإن اتخاذ القرار یتأثر بشکل مباشر بالتعالیم المدرسیة والقیمیة. علی الرغم من وجود العدید من الدراسات ضمن تیارات الإدارة والحکم الإسلامی التی تناولت هذا المجال، إلّا أنَّ غیاب النظرة الشاملة والمنهجیة أدی إلی تشتت هذه الدراسات وافتقارها إلی التکامل. بناءً علی ذلک، یهدف هذا البحث بشکل أساسی إلی إعادة دراسة الأبحاث السابقة بهدف تقدیم صورة شاملة ومتکاملة لأبعاد اتخاذ القرار الإسلامی، بحیث یمکن تحدید التیارات الرئیسیة فی هذا المجال المعرفی. بناءً علی الهدف المذکور سابقًا، السؤال الرئیسی لهذه الدراسة هو: کیف یمکن تصنیف أبعاد اتخاذ القرار الإسلامی ومضامینه بطریقة منهجیة بحیث تتضح نقاط القوة والضعف والفرص والتهدیدات لهذه الدراسات، ویُکشف عن الفجوات الموجودة فی هذا المجال البحثی؟ لقد اعتمدت منهجیة هذه الدراسة علی المراجعة المنهجیة. وعلیه، قام الباحث بدایةً بالتعاون مع مجموعة من الخبراء بإعداد دلیل للمراجعة المنهجیة. ولتحقیق ذلک، اختیرت المقالات العلمیة ذات سیاسیة التحکیم المجهول فی ثلاث لغات: الفارسیة والإنجلیزیة والعربیة ضمن نطاق المراجعة المنهجیة. بعد ذلک، اعتُمدت استراتیجیتین للبحث عن المصادر: استراتیجیة البحث باستخدام الکلمات المفتاحیة واستراتیجیة البحث المعتمدة علی المصادر. بالنسبة لاستراتیجیة البحث بالکلمات المفتاحیة، اختیرت مجموعة من الکلمات المفتاحیة ذات الصلة باتخاذ القرار الإسلامی، مثل "اتخاذ القرار الدینی". بُحثت هذه الکلمات فی اللغات الثلاث المختارة فی ثمانیة قواعد بیانات علمیة متخصصة. بالإضافة إلی ذلک، وفقًا للاستراتیجیة الثانیة، أی الاستراتیجیة المعتمدة علی المصادر، تم فحص سبع مجلات متخصصة فی اتخاذ القرار الإسلامی بشکل کامل. ونتیجة لهاتین الاستراتیجیتین، تم فحص 11,159 عنوانًا علمیًا دون إزالة المکرر منها، وبعد عملیة الفرز التدریجی لاستبعاد العناوین المکررة أوغیر الموثوقة أوغیر ذات الصلة، بقیت 395 دراسة علمیة ضمن إطار البحث. تشیر نتائج هذه الدراسة إلی أنَّ هیکل المعرفة المتعلقة باتخاذ القرار الإسلامی یتألف من عشرة مضامین رئیسیة. تشمل هذه المضامین: التأسیسیة النقدیة العابرة للنموذج الفکری، صیاغة النظریات الإیجابیة، تحسین النظریات داخل النمط الفکری، تحدید النظریات التطبیقیة، تغطیة النظریات تجاریًا، أسلوبیة اتخاذ القرار الإسلامی، دراسة التراجم بشکل عملی، توثیق تجارب الأمة - الدولة، والدمج بین هذه المحاور. تُظهر النتائج الرئیسیة أن لکل مضمون دورًا خاصًا فی تفسیر النمط الفکری فی اتخاذ القرار الإسلامی وتطویره. من بین نقاط القوة فی هذه الدراسات یمکن الإشارة إلی: إیجاد صلة بین النظریات الإسلامیة والنظریات العلمیة المعاصرة، تهیئة بیئة للأبحاث التطبیقیة، وتطویر المعرفة الإسلامیة لاتخاذ القرار فی المحافل الدولی. فی المقابل، لوحظت بعض النواقص، مثل: غیاب الاستناد الکافی علی محوریة النظریات، تکرار المواضیع، ونقص فی المنهجیات القویة فی الدراسات التطبیقیة. فی النهایة، لقد طرح هذا البحث نموذجًا مفاهیمیًا للتکامل (التضافر بالإضافة إلی التکامل) لهذه الدراسات، وتم بناءً علی النمذجة الهیکلیة التفسیریة توضیح نوع العلاقة ودور کل من هذه التیارات فی منظومة المعرفة المتعلقة باتخاذ القرار الإسلامی. یشدد هذا النموذج علی دور البنی التحتیة للأصولیة النقدیة العابرة للنموذج الفکری وصیاغة النظریات الإیجابیة، ویوضح أن تکرار هذه الدراسات یکون أکثر من أی مجموعة أخری عندما یکون هیکل المعرفة الإسلامیة الإداریة فی المرحلة ما قبل العلمیة. کما تم تحدید دور المحاور العملیة الأربعة: تغطیة النظریات تجاریًا، الأسلوبیة، دراسة التراجم بشکل عملی، وتوثیق التجربة للأمة - الدولة، باعتبارها تیارات یمکن لکل منها أن تدفع المعرفة الإسلامیة لاتخاذ القرار نحو التطبیق العملی. وأخیرًا، وفقًا لمعاییر الدراسات المنهجیة، طُرحت مقترحات نظریة وعملیة ملائمة.