یشکل الرثاء جانباً کبیراً من أشعار المتنبی ومنها رثاء أبی شجاع فاتک وهو من قصد إلیه الشاعر حین کان یتألّم شدید الألم من دناءة کافور. تتمیز هذه القصیدة باشتمالها موضوعات مختلفة والخروج عن المنهج المألوف فی الرثاء ووحدة الموضوع. یتردّد المتنبی بین الأغراض المختلفة فی هذه القصیدة، بدل الترکیز علی المرثی وذکر صفاته کما فعل الآخرون. حاولنا فی هذه المقالة دراسة هذه المقاطع وتبیان النقاط التی تتقاطع فیها الرثاء مع أخری الموضوعات مبرزین من خلالها عناصر اللغة الشعریة المحقّقة فی القصیدة، أی أنّنا نسعی إماطة اللثام عن مجمل الوسائل التی یختاره المتنبی فی هذه القصیدة وذلک فی المستویات الثلاث: مستوی المفردات، المستوی الصوتی، المستوی البلاغی. ووصلنا إلی أنّ اشتباک الرثاء بالموضوعات الأخری فی قصیدة رثاء فاتک بارز من خلال لغتها تشابکاً نستشفّه من المقاطع الشعریة السائدة فیها. وهذا الإشتباک بین الموضوعات والمعانی المختلفة یؤدّی إلی استخدام ممیز من الإمکانیات اللغویة. إلا أنّ الحزن والمعانی التی تدور حوله تشکلّ الجانب الطاغی فی مضمون القصیدة، أی عندما نجد فی القصیدة تداخلاً بین المعانی المختلفة، یتمّ هذا التداخل بامتزاج الحزن بموضوع آخر ویکون الحزن طرفاً ثابتاً فی هذه التداخلات. ومن هنا یکون حضوراً ملفتاً للنظر للإمکانیات التی تخدم لمعانی الحزن والرثاء خاصة فی مستوی المفردات.