تعد الترجمة من أهم أدوات التواصل و وسائل التفاعل بین مختلف شعوب العالم و علی مر العصور. إن الإلمام بالمعارف والثقافات المختلفة للشعوب لا بد له من الترجمة، والعلم بلغتها الأصلیة، فتقوم الترجمة بنقل مفاهیم ثقافة من الثقافات، و علومها و تقنیاتها إلی ثقافة أخری إذ إنها تهیئ الأرضیة لتلاقح الثقافات الملتقیة بغیرها و من ثم نموها، و ازدهارها و غناها.تشهد الدراسات للعصور التاریخیة علی أن الترجمة لعبت دورا بارزا فی نقل الثقافة الأجنبیة إلی الثقافة العربیة فی العصر العباسی. کما یعتقد المؤرخون أن الثقافة العربیة تفاعلت وتلاقحت بغیرها من الثقافات ثم نمت و ازدهرت حتی تمثل أهم مظاهر هذا الازدهار فی الحرکة العلمیة فی هذا العصر.فقد نقل العرب إلی لسانهم معظم ما کان معروفا من العلوم عند سائر الأمم المتمدنة کالفرس، والهند، والیونان و اغتذوا بأفکارها و رضعوا من لبانها ثم لم یلبثوا أن تجاوزوها و حلقوا فی عوالم جدیدة. لا شک أن البحث فی هذا الازدهار یکشف للقارئ أهمیة الترجمة و دورها فی تطور العرب العلمی و تقدمهم الحضاری، الأمر الذی فقد جاء هذا المقال لیرکز علیه.