لم یحظ الفن بالعنایة الکافیة فی المذهب الإسلامی باستثناء بعض الشذرات المتناثرة هنا وهناک فی حقل الفقه، کما لا توجد دراسة فلسفیة حول تعریف الفن وماهیته. ویمکن القول إنّ انطلاق عجلة البحث فی فلسفة الفن حدث بعد القرن الثامن عشر فی الفلسفة الغربیة، ومنذ ذلک الحین لا نجد لها ذکراً فی الکتب الفلسفیة والعرفانیة والحکمیة التی دونها العلماء المسلمون. نعم، أشیر إلی الفن فی الکتب العرفانیة بصورة استطرادیة فی بعض المواضع کرسائل السخاء أو فی بحث النور. وقد أسهبت هذه الکتب حول الجمال. فأشار إلیه أغلب العرفاء باعتباره بحثا تابعاً للوجود. والبعض منهم لما تناول بحث الجمال الإلهی بالدراسة عرج علی نفس مسألة الجمال الحسی وشرح اصطلاحات من قبیل: الجمال، والحسن، والملاحة و... وعلی هذا یتوجب علینا دراسة الجمال والفن فی فضائنا الإسلامی انطلاقا من نسق یختلف تماما عما هو موجود حالیاً من دون أن نجعل الفلسفة الغربیة محکاً للفلسفة الإسلامیة. فما یواجهنا فی المشرب الإسلامی هو علم الجمال، لکنه یحمل طابعا غیر حسی ولا یمکننا حمل النصوص الغربیة علی النصوص الحکمیة الإسلامیة من أجل تتبع بحث فلسفة الفن الإسلامی. کما أننا لا نستطیع أیضاً من خلال البحث فی الألفاظ المشترکة أن ندرک نسقاً فلسفیاً یحاکی الفلسفة الغربیة للفن الذی تطور فی أحضان الثقافة والحضارة الإسلامیة.