القافیة رکن أساسیّ من أرکان الشّعر العمودیّ؛ عدّها النّقّاد شرطاً لازماً فی الشّعر؛ فالشّعر قول موزون مقفّی یدلّ علی معنی وفقاً لتعریف قدامة بن جعفر. غیر أنّ القافیة کغیرها من أدوات الشعر تطورت لتواکب التّطور الحاصل فیه الذی وصل إلی ما بات یعرف الیوم بقصیدة التّفعیلة، إذ نحت هذه القصیدة منحی جدیداً فی التّعامل مع القافیة؛ فأعادت إنتاجها دلالیّاً وکسرت رتابة مکانها المحدّد فی آخر کلّ بیت لتصبح فی آخر السّطر الشّعریّ أو الجملة الشّعریّة أو المقطع. إنّ اختلاف البناء بین القصیدة القدیمة وقصیدة التّفعیلة فرض علی القافیة أشکالاً مختلفة ومستویات متعدّدة؛ فقد یستخدم الشّاعر الیوم أکثر من قافیة، ولا یطلب منها الحضور القسری المتتابع، بل تأتی فقط حین الحاجة إلیها لتأکید دورها الدّلالی، ولا تجمّد القافیة بشکل واحد فی القصیدة الواحدة بل یغیّر الشّاعر فیها بحسب الحالة الشّعوریة. والقافیة عند أمل دنقل إحدی أدوات النّضج الفنّیّ، وقد استخدم أنماطاً متعدّدة لها بشکل ینسجم مع تعقید التّجربة والحالة الشّعوریّة والتّطوّر الذی وصلت إلیه قصیدة التّفعیلة من حیث الشّکل والمضمون.