إنّ الخطاب عن العدل والحریة إحدى القضایا التی طرحتها روایات محفوظ، وعلى هذا أساس استطاعت روایاته أن تنفذ إلى أعماق المجتمع من حوله فتعکس أبرز همومه وآماله وانکساراته الداخلیة والخارجیة، فصورت الروایتان قضایا کالحریات الاجتماعیة وصراع المرأة من أجل الحریّة والمساواة، فأظهرت المرأة إمّا مهزومة أمام الوسائل المستخدمة لاستعبادها وتقییدها – وهی الجنس والفقر والجهل – أو ثائرة علیها؛ باللجوء إلى التعلیم والعمل، ومحاربة نظرة الرجل الجنسیة الخالصة لها. تناولت هذه الدراسة موضوع الحریّة السیاسیة والعدالة الاجتماعیة فی روایتین"ملحمة الحرافیش، وأولاد حارتنا" لنجیب محفوظ، ولوحظ أنها لم تحظ بدراسات نقدیة تهتم بهذه القضیة الإشکالیة، مع أنها استطاعت تجسیدها، ووضع تصور لحل مثالی لها. اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفی التحلیلی، وذلک من خلال النظر فی أحداث تلک الروایات ووصفها، ثمّ بحث وسائل تصویرها، وتحلیل تقنیّات السرد المتّبعة فیها. عرض نجیب محفوظ قضیة العدالة السیاسیة والمرأة، وطالب بتحریرها وتعلیمها، وکان لها ملامحها وخصوصیتها، واستطاع أن یجسد أحلامه من خلال إصراره على تفاصیل الحیاة الاجتماعیة، فصوّر شخصیاتٍ ذات أبعادٍ إنسانیةٍ بقوتها وضعفها، وخوفها وانکسارها فی المجتمع المصری، وعرضت أشکالاً عدیدة لانهزام المثقفین، مقابل أشکال ثوراتهم بهدف الحصول علیها، وعرضت لسبل استغلال الدین من قبل السلطات الحاکمة؛ بهدف تضلیل وعی الجماهیر، والتکتیم على الفساد والظلم.